إبدأن بشرح ما المقصود بمصطلح “العنف الرمزي”:
العنف الرمزي ينتج عن فرض الأعراف والسلوكيات الثقافية المرتبطة بالجندر. فالنساء يتعلمن من صغرهن أن “أمرًا ما” قد يحدث لهن إذا قررن المشي وحدهن في الليل أواعتماد طريقة لبس معيّنة أو التصرّف بلا مبالاة, عندها يصبح الخوف لدي النساء حالة ذهنية طبيعية ومقبولة.
وهذا يعني أننا كنساء نُحمّل مسؤولية أي عنف نواجهه، فيولّد بدوره الخوف أو حتى الهلع – ينتج هذا الخوف أو الهلع “خارطة ذهنية بالأماكن الممنوعة” علينا، مما يولد ردود فعل مشروطة من قبيل:
الشعور بالحاجة إلى العودة إلى المنزل في الليل في سيارة أجرة أو مع مرافق؛ المشي بسرعة أكبر أو حتى الركض في حال سمعنا صوت خطى وراءنا؛ ممارسة الرقابة الذاتية لا شعوريًا على وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الإلكترونية الأخرى؛ اختيار عدم الخروج أو اللبس بطريقة معينة خشية ما قد يحدث لنا؛
إضافة إلى ذلك، مع أن النساء يجبرن على تحمّل مسؤولية العنف الذي نعيشه، لم تقدم أبدًا في الوقت عينه إستراتيجيات وموارد لمعالجة ذلك العنف (عدا ردود الفعل المشروطة المذكورة أعلاه)، ولا إستراتيجيات وموارد للتمتع والسيطرة على المساحات المتاحة أو للتحرّك والتعبير عن أنفسنا وعن جسدنا وجنسانيتنا بحريّة، إلخ.
ينتج عن العنف الرمزي مساحات وحالات ممنوعة على النساء، مما يمنعنا عن حقنا الأساسي في الأمن والتحرّك بحرية؛ وما يزيد من الطين بلة هو الحصانة المعطاة غالبًا للمعتدين، ففي أغلب الأحيان، لا يخضعون للتحقيق أو المساءلة بل يصنفون “كمجانين” أو كغير قادرين على التحكّم أو تحمّل مسؤولية أفعالهم.
وقد يتوجب عليكن هنا مناقشة صور عن حالات عنف ضد النساء (إن كان رمزيًا أو غير ذلك) توزّع و تطبّع من خلال وسائل الإعلام، ولا سيما في المساحات المتاحة على الإنترنت.
وزعن على كل مشاركة رزمة صغيرة من القصاصات اللاصقة، عليها سيتوجب عليهن تحديد وتدوين أمثلة عن أنشطة توقفن عن القيام بها، أو سلوكيات عدّلنها بسبب العنف الرمزي الذي يختبرنه كنساء في مساحات الواقع والفضاء الرقمي على حدٍ سواء. من بعد الإنتهاء من ذلك، إجمعن القصاصات اللاصقة وإقرأن بعض الأمثلة المدوّنة بصوتٍ عالٍ – ناقشنها معًا كمجموعة، وعلّقن على المحفزات المحتملة لتغيير هذه السلوكيات والمخاوف المحسوسة.
مباشرة من بعد النقاش الجماعي، إشرحن أن ثلاثة عوامل رئيسية تؤدي إلى نشوء الخوف والهلع وإنتشارهما كرد فعل على العنف الرمزي:
السيطرة على جسد المرأة: ما زال ينظر إلى جسد المرأة على أنه أداة لمتعة الرجل، وينتج عن ذلك انعدام الإحساس بالأمن أو الثقة في موارد الجسد وقدراته.
الشعور بالذنب والعار: يعتبر هذين الشعورين دائمين وعنصرين ثابتين يسهلان النظر إلى حالات العنف المرتكبة القائمة على النوع الاجتماعي كنتيجة مستحقة أومقبولة إلى حدٍ ما.
“العجز الملقّن”: هذه عبارة عن حالة نفسية تنشأ في أغلب الأحيان حين ينظر إلى الأحداث الجارية كأحداث خارجة عن السيطرة – حين يعتبر أنه لا يمكن القيام بأي شي لتغيير نتيجة ما حصل، تتكيّف الحالة النفسية مع ذلك، مضحية بالتالي بقدرتها على التحكّم بتلك النتيجة (فتتقبّله وتعتبره طبيعيًا عوضًا عن ذلك).
من بعد شرح هذه العوامل الثلاثة، إسألن المشاركات عن الإستراتيجيات التي تخطر على بالهن من أجل تحويل تلك العوامل إلى مقاربات لمعالجة العنف الرمزي! أطلبن منهن كتابتها على القصاصات الورقية اللاصقة. نعرض أدناه بعض الإستراتيجيات المحتملة التي يمكن طرحها: